هذا ما كتبه أورده لكم دون تعليق ...
ورقة التوت
كرة الثلج الحارقة!!!!!
نصر الدين بن حديد
حين ننظر إلى الواقع الصحفي في تونس، المتردّي أصلا، أو هو في أفضل حالاته، لا يتوافق البتّة مع الصورة التي نريده عليها، وما نريد له من دور، تصدمنا على مدى الأيّام المنقضية عديد الدلالات التي وجب الوقوف عندها، بل الجلوس، إن لم نقل المكوث ما لزم من الوقت، بغية التمحيص والتحليل ومن ثمّة الاستنتاج وأخذ العبرة.
نشرت مواطنون في العدد الذي سبق رسالة من أحد العاملين في مؤسّسة الإذاعة والتلفزة، عبّر من خلالها في صدق ومرارة عن الواقع المعيش وما صار إليه الوضع، حين نعلم أن هذا التذمّر وهذه الرسالة لا تمثّل سوى قشّة من كوم تبن أو هي قطرة من محيطات هادرة.
أقدم جمع من الزملاء العاملين في يوميّة «لابريس» على تأسيس «لجنة التفكير وإنقاذ لابريس»، وحين نقف عند التسمية فقط، ونعتبر أنّ أعضاءها من أصحاب الكفاءة المهنيّة وممّن عهدنا فيهم الرصانة والتعقّل، نرى أن مجرّد الحديث عن «التفكير» يكشف عن تعطّل العقل في هذه المؤسّسة، أمّا «الإنقاذ» فيكون بالتأكيد دلالة على وصول الأمر إلى درك مهين، كما جاء في متن النصّ.
كذلك وجب النظر كذلك ما حدث من تطوّرات خطيرة على مستوى ملفّ تسوية الوضعيات في مؤسّسة الإذاعة والتلفزة، وما جدّ من لغط وعلا من حديث، خصوصًا بعد أن خرج الزميل زياد الهاني عضو المكتب التنفيذي للنقّابة الوطنيّة للصحفيين، في خلاف صريح مع الأعضاء الثمانية الآخرين، واعتبر أنّ السيّد رافع دخيل، وزير الاتّصال والعلاقات مع مجلسي النواب والمستشارين، لم يقدّم وعدًا ولم يطرح التزامًا بتسوية الوضعيّات في اجل أقصاه ستّة أشهر، وأصرّ الزميل في وثيقة قدّمها إلى المكتب التنفيذي على اتّهام المكتب بالتحريف، وقرّر بناء ذلك تعليّق حضوره اجتماعات المكتب... علمًا وأنّ الأعضاء الثمانية يرون ويصرّحون أنّ وعود السيّد الوزير جاءت أثناء اجتماعه بالمكتب مكتملا، ومن ثمّة لا مجال للتأويل أو قراءة الأمور على غير ما جاءت عليه صراحة، لا لبس فيها ولا غبار عليها، وإن كان المكتب يتعامل مع هذا الملفّ بما يلزم من مرونة.
حين نرى هذه الأمور مجتمعة، وأساسًا وقبل الولوج إلى منطق التحليل العقلاني أو غيرها ممّن قد يراه العض ويذهب فيه غيرهم، وجب ـ قبل الحديث عن التأويلات القائمة والاقتراحات المقدّمة ـ أن نسأل عن الأسباب التي دفعت بالأمور إلى هذا الدرك؟ هل ما بالإمكان غير ما جدّ وكان هل بالإمكان أفضل ممّا كان؟
لا يأتي السؤال من باب مساءلة الماضي أو السعي إلى إعادة كتابة الوقائع، بقدر ما هو سؤال «افتراضي» عمّا يجب فعله ضمن منطق «الآن وهنا» من أجل وقف هذا التدحرج والوقوف في وجه هذا التدهور الخطير.
حين لزم أن ننظر إلى الأمر من زواياه العديدة، ونقلّبه على جميع الأوجه، وجب علينا لزامًا أن نطرح سؤالا على المسؤولين المباشرين ـ خارج منطق التخوين أو عقليّة الاستنقاص ـ يخصّ الأسباب التي جعلتنا جميعًا، لا نرى هذه السحب الداكنة وهذا الإعصار القادم وهذه القنابل الموقوتة التي من الأكيد أنّها ستنفجر ـ أو على الأقلّ بعضها ـ في القريب العاجل.
حين يبلغ اليأس والقنوط بالعاملين في مؤسّسة الإذاعة والتلفزة هذا الحدّ، يمكن أن نسأل من باب المنطق، عن الصورة الإعلاميّة التي يمكن أن تخرج من بين أيد هؤلاء؟
حين نرى خيرة العاملين في يوميّة لابريس يتّخذون هذا الخطاب ويقدمون على هذه الخطوة، ونحن نعلم أنّ جميعهم عانى ولا يزال بطرق عديدة، يكون من المشروع أن نسأل عن صورة هذه الصحيفة ومستقبلها، وقد مثّلت إحدى أهمّ المدارس الصحفيّة في تونس.
نعلم أنّ عقليّة المؤامرة اجتاحت العقول والتخوين صار هواء نتنفّسه، نعلم أنّنا لا نرى الكأس سوى في نصفه الفارغ. نعلم أنّ العصر بنسقه السريع ومشاكله المتسارعة يجعل التوتّر علامتنا المتميّزة، لكنّ الوضع هنا وهناك بلغ حدّا يجعل السكوت جرمًا والصمت جريمة، بل يوجب علينا أن نصرخ ونصيح ليس في وجه الآخر بالذات، مهما كان هذا الآخر، بل رغبة في القول أنّ هذه البلاد وهؤلاء العباد يستحقون مشهدًا إعلاميا أفضل، إعلامًا نفاخر به ونفتخر بمنجزه، حين صرنا نلاحق القنوات الفضائيّة والمواقع الإعلاميّة، بحثّا عمّا جدّ في البيت المجاور!!!
على السلطات العموميّة، أن ترى في هذه الدلائل وكلّ هذه المؤشرات ما هي عليه حقّا من علامة، لا تخبر عن واقع سيء فقط، بل هي مجرّد إنذار عن قادم أشدّ سوءًا...
نعيد ونقول أنّ المسالة لا تعني المكابرة، بقدر ما تستحقّ الجلوس إلى طاولة الحوار، بدءا بسماع هؤلاء الذين صرخوا ولا يزالون... هل من مجيب؟؟؟؟
نصر الدين بن حديد
(المصدر: صحيفة "مواطنون"، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 56 بتاريخ 02 أفريل 2008 )
نشرت مواطنون في العدد الذي سبق رسالة من أحد العاملين في مؤسّسة الإذاعة والتلفزة، عبّر من خلالها في صدق ومرارة عن الواقع المعيش وما صار إليه الوضع، حين نعلم أن هذا التذمّر وهذه الرسالة لا تمثّل سوى قشّة من كوم تبن أو هي قطرة من محيطات هادرة.
أقدم جمع من الزملاء العاملين في يوميّة «لابريس» على تأسيس «لجنة التفكير وإنقاذ لابريس»، وحين نقف عند التسمية فقط، ونعتبر أنّ أعضاءها من أصحاب الكفاءة المهنيّة وممّن عهدنا فيهم الرصانة والتعقّل، نرى أن مجرّد الحديث عن «التفكير» يكشف عن تعطّل العقل في هذه المؤسّسة، أمّا «الإنقاذ» فيكون بالتأكيد دلالة على وصول الأمر إلى درك مهين، كما جاء في متن النصّ.
كذلك وجب النظر كذلك ما حدث من تطوّرات خطيرة على مستوى ملفّ تسوية الوضعيات في مؤسّسة الإذاعة والتلفزة، وما جدّ من لغط وعلا من حديث، خصوصًا بعد أن خرج الزميل زياد الهاني عضو المكتب التنفيذي للنقّابة الوطنيّة للصحفيين، في خلاف صريح مع الأعضاء الثمانية الآخرين، واعتبر أنّ السيّد رافع دخيل، وزير الاتّصال والعلاقات مع مجلسي النواب والمستشارين، لم يقدّم وعدًا ولم يطرح التزامًا بتسوية الوضعيّات في اجل أقصاه ستّة أشهر، وأصرّ الزميل في وثيقة قدّمها إلى المكتب التنفيذي على اتّهام المكتب بالتحريف، وقرّر بناء ذلك تعليّق حضوره اجتماعات المكتب... علمًا وأنّ الأعضاء الثمانية يرون ويصرّحون أنّ وعود السيّد الوزير جاءت أثناء اجتماعه بالمكتب مكتملا، ومن ثمّة لا مجال للتأويل أو قراءة الأمور على غير ما جاءت عليه صراحة، لا لبس فيها ولا غبار عليها، وإن كان المكتب يتعامل مع هذا الملفّ بما يلزم من مرونة.
حين نرى هذه الأمور مجتمعة، وأساسًا وقبل الولوج إلى منطق التحليل العقلاني أو غيرها ممّن قد يراه العض ويذهب فيه غيرهم، وجب ـ قبل الحديث عن التأويلات القائمة والاقتراحات المقدّمة ـ أن نسأل عن الأسباب التي دفعت بالأمور إلى هذا الدرك؟ هل ما بالإمكان غير ما جدّ وكان هل بالإمكان أفضل ممّا كان؟
لا يأتي السؤال من باب مساءلة الماضي أو السعي إلى إعادة كتابة الوقائع، بقدر ما هو سؤال «افتراضي» عمّا يجب فعله ضمن منطق «الآن وهنا» من أجل وقف هذا التدحرج والوقوف في وجه هذا التدهور الخطير.
حين لزم أن ننظر إلى الأمر من زواياه العديدة، ونقلّبه على جميع الأوجه، وجب علينا لزامًا أن نطرح سؤالا على المسؤولين المباشرين ـ خارج منطق التخوين أو عقليّة الاستنقاص ـ يخصّ الأسباب التي جعلتنا جميعًا، لا نرى هذه السحب الداكنة وهذا الإعصار القادم وهذه القنابل الموقوتة التي من الأكيد أنّها ستنفجر ـ أو على الأقلّ بعضها ـ في القريب العاجل.
حين يبلغ اليأس والقنوط بالعاملين في مؤسّسة الإذاعة والتلفزة هذا الحدّ، يمكن أن نسأل من باب المنطق، عن الصورة الإعلاميّة التي يمكن أن تخرج من بين أيد هؤلاء؟
حين نرى خيرة العاملين في يوميّة لابريس يتّخذون هذا الخطاب ويقدمون على هذه الخطوة، ونحن نعلم أنّ جميعهم عانى ولا يزال بطرق عديدة، يكون من المشروع أن نسأل عن صورة هذه الصحيفة ومستقبلها، وقد مثّلت إحدى أهمّ المدارس الصحفيّة في تونس.
نعلم أنّ عقليّة المؤامرة اجتاحت العقول والتخوين صار هواء نتنفّسه، نعلم أنّنا لا نرى الكأس سوى في نصفه الفارغ. نعلم أنّ العصر بنسقه السريع ومشاكله المتسارعة يجعل التوتّر علامتنا المتميّزة، لكنّ الوضع هنا وهناك بلغ حدّا يجعل السكوت جرمًا والصمت جريمة، بل يوجب علينا أن نصرخ ونصيح ليس في وجه الآخر بالذات، مهما كان هذا الآخر، بل رغبة في القول أنّ هذه البلاد وهؤلاء العباد يستحقون مشهدًا إعلاميا أفضل، إعلامًا نفاخر به ونفتخر بمنجزه، حين صرنا نلاحق القنوات الفضائيّة والمواقع الإعلاميّة، بحثّا عمّا جدّ في البيت المجاور!!!
على السلطات العموميّة، أن ترى في هذه الدلائل وكلّ هذه المؤشرات ما هي عليه حقّا من علامة، لا تخبر عن واقع سيء فقط، بل هي مجرّد إنذار عن قادم أشدّ سوءًا...
نعيد ونقول أنّ المسالة لا تعني المكابرة، بقدر ما تستحقّ الجلوس إلى طاولة الحوار، بدءا بسماع هؤلاء الذين صرخوا ولا يزالون... هل من مجيب؟؟؟؟
نصر الدين بن حديد
(المصدر: صحيفة "مواطنون"، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 56 بتاريخ 02 أفريل 2008 )
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire