المدوّنون التونسيون والدعم الأمريكي: جدل الاستقلالية والوطنية واهمات متبادلة
تونس - خدمة قدس برسأثارت الدعوة التي وجهها مركز الأبحاث والتبادل الدولي (آيريكس) لعدد من المدوّنين التونسيين لحضور دورة تدريبية بالدار البيضاء بالمغرب من 23 إلى 25 من الشهر الجاري جدلا داخل المدونين التونسيين وبين قرائهم.وقد أطلق هذا الجدل رفض القائمين على إحدى المدوّنات الدعوة التي وجهت إليهم وذلك لأسباب سياسية قاموا بشرحها. غير أنّ عددا من المدونين التونسيين والقراء اختلفوا حول الموقف من المشاركة بين مؤيّد ومساند تم فيه طرح عدة قضايا تتعلق بمنهج التغيير والوطنية والتطبيع والموقف من الإدارة الأمريكية الحالية. وترجع أسباب رفض المشاركة إلى كون الجهة الداعية هي برنامج مبادرة الشرق الأوسط للشراكة (ميبي) الذي أنشأته الإدارة الأمريكية سنة 2002 وله مكتبان في العالم العربي بتونس وأبو ظبي. ويموّل هذا البرنامج المنظمة الأمريكية الدولية (آيريكس) التي ستقوم بتنظيم الدورة التدريبية.ويشارك في هذا المؤتمر عدد من المدوّنين من شمال إفريقيا، يهدف البرنامج إلى تنمية قدراتهم الإعلامية وتعزيز دور ما يطلق عليه "صحافة المواطنة" وتأثيرها في المجتمع. ويندرج ذلك في إطار أحد أهداف برنامج "الميبي" المتعلقة "بتعزيز المواطنة والديمقراطية وحرية الإعلام".واعتبرت هيئة تحرير مدونة "بودورو" أنّ الإدارة الأمريكية تقوم بحسم صراعاتها بمنطق السلاح وبالتالي فهي غير مؤهّلة لتنظيم مؤتمرات عن الديمقراطية. وقالت الهيئة "إنّ جمع شمل المدوّنين المغاربة تحت خيمة الإدارة الأمريكية الحالية قد يُعد في نظر الساهرين على مخططات بوش خطوة ناجحة في إستراتيجيتها الفاشلة". وبناء على ذلك دعت هيئة تحرير المدوّنة جميع المدوّنين التونسيين والمغاربة إلى مقاطعة هذا المؤتمر. والتنبه إلى الخلفية السياسية والإيديولوجية للقائمين عليه.أمّا محمد مومني وهو متخرج من الجامعة عاطل عن العمل يدير مدّونة ضد الإقصاء من حق الشغل على خلفيات سياسية فقد اعتبر أنّ النضال من أجل الحرية ليس حجة للجلوس مع منظمة أمريكية حكومية مرتبطة رأسا بالبيت الأبيض، فهذا الأمر لا علاقة له بالحوار بين الحضارات و الثقافات، على حد تعبيره.وقال إنّه من الغباء تصور أن الإدارات الأمريكية وقفت أو ستقف يوما مع الشعوب ضد الديكتاتورية. مشيرا إلى أنّ المخابرات الأمريكية تلجأ إلى ما أسماه الطابور الخامس عندما تريد الإطاحة بنظام ما. وهذا الطابور "يتم تكوينه و تفريخه في مثل المبادرة الأخيرة".ونبّه قارئ على منتدى مدونة "بودورو" إلى أنّ "الميبي" والسفارات الأمريكية ووزارة الخارجية تسيّر منذ سنة مجموعات من الموظفين مهمتهم الولوج إلى المدونات التي تنتقد الأعمال الهمجية التي تقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية في العالم و يتمثل شغلهم الشاغل في الدفاع عن مشغلهم. و وصل الأمر في بعض الدول العربية إلى انتداب شبان عرب يقومون بهذا العمل.وفي الطرف المقابل انتقد عدد من القراء رفض الدعوة على اعتبار أنّ رفض أية مبادرة داعمة للحرية والديمقراطية فقط لأن من ورائها الإدارة الأمريكية يعتبر قرارا عاطفيا متسرعا بل مستجديا لردود الفعل الحماسية.وتساءل آخر ما العيب أن تموّل الإدارة الأمريكية مؤتمرا و هي التي أصلا تمول حكومات وجيوشا وهل تعني المشاركة بالضرورة العمالة أم هي فقط قلة ثقة بالنفس و بحث عن بطولات دون كيشوتية وهل نرفض الديمقراطية فقط لأن إدارة بوش تطالبنا بها ؟ وحذّر آخرون من أنّ تهمة العمالة للأمريكيين هي نفسها التهمة التي توجهها الحكومة التونسية للخارجين عن طاعتها من صحفيين ومعارضين. وبالتالي فإنّ ربط المشاركة بالارتباط بالأجنبي يعتبرا في رأيهم تأكيدا ومساندة لموقف السلطات التي ترى في الصحفيين والمعارضين الديمقراطيين عملاء للأجنبي.واتهم متدخل آخر القوميين والإسلاميين واليساريين برفع الشعارات الثورية التي لا تحل المشاكل الحقيقية، داعيا إلى ضرورة تعلّم مبادئ التداول السلمي على السلطة وحرية تعبير واستقلال قضاء وحياد الإدارة و مقاومة الفساد والاقتناع بها ولم لا أخذها عن الأوروبيين والأمريكيين وغيرهم. (المصدر: وكالة قدس برس انترناشيونال بتاريخ 21 ماي 2008)
المدونون التونسيون بين التهميش و التحدي
يتجاوز عدد المدونات التونسية على موقع "مكتوب" الخمسمائة مدونة و على الرغم من أهمية هذا الرقم يلاحظ المتتبع لعالم التدوين في تونس الغياب الشبه كلي للمواضيع المهتمة بالشأن العام و السياسي و الحقوقي...و عدم تطرق المدونون لمشاكل الشباب و تحديد أسبابها و طرح حلولا لتجاوزها. و في المقابل نجد عدد لا يتجاوز الخمسة عشر مدونة تونسية يحمل أصحابها شعار التحدي في وجه السلطة بالتطرق لمواضيع جريئة و مثير للجدال و فضح إنتهاكات الحزب الحاكم لحقوق الإنسان و مصادرته للحريات ، و على قلة عدد هذه النوعية من المدونين تسعى السلطة التونسية جاهدة للتصدي لهم بشتى الطرق كتهديدهم و الإعتداء عليهم بالعنف كلما لم يرق لها مضمون المواضيع المنشورة و في نفس السياق نجدها تستغل التطور التكنولوجي لصالحها و توظفه لإتلاف القاعدة المعلوماتية لهذه المدونات و حجبها عن المبحرين إنطلاقا من تونس.نقرأ من هذا التحليل للمدونات التونسية تناقض في النوعية و تفاوت في العدد من حيث المضمون بالتزايد اليومي لعناوين مدونات جديدة لا تتضمن أي جدية و تساهم في تهميش الشباب و إلهائه عن معرفة حقوقه وواجباته المدنية و السياسية و هو ما يراه الفريق الحاكم في تونسي فضاءا إيجابيا يضمن له عدة أشياء مثل عدم إنزلاق الشباب للفكر السلفي و عدم محاسبته على تأخر تونس عن ركب بلدان المغرب العربي في مجال الديمقراطية .و يبقى العدد القليل للمدونين التونسيين الذين يتطرقوا للمواضيع السياسية و الحقوقية الشيء الملفت للإنتباه في عالم التدوين الذي إختاروه لنقل المواجهة بينهم و بين السلطة من مواجهة مباشرة و ملموسة إلى فضاءا لا تقدر فيه السلطة على تجفيف أحبار أقلامهم و تكميم أفواههم لممارسة إعلام حر لا يخضع للرقابة.
معز الجماعي - مدون تونسي
Tunisnews n°2921 du 20.5.2008
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire